مقاتلو فاغنر يتراجعون في روسيا بعد اتفاق مع الكرملين أنهى تمردهم
مقاتلو فاغنر يتراجعون في روسيا بعد اتفاق مع الكرملين أنهى تمردهم
بدأت عناصر مجموعة فاغنر الانسحاب من مواقع سيطروا عليها في روسيا بعد اتفاق مع الكرملين قضى بوقف تقدمهم نحو موسكو وخروج قائدهم يفغيني بريغوجين الى بيلاروس، بعد تمرّد مسلح شكّل أكبر تحدٍّ للرئيس فلاديمير بوتين في خضم حرب أوكرانيا.
وبعد نحو 24 ساعة من الترقب عالميا بشأن مسار أحداث شهدت سيطرة مرتزقة فاغنر على مقرات قيادة للجيش الروسي وتقدم أرتالهم في اتجاه العاصمة، نزع فتيل الانفجار بتوصّل الكرملين وبريغوجين إلى اتفاق يوقف بموجبه الأخير تمرده ويغادر الى بيلاروس إثر وساطة من رئيسها ألكسندر لوكاشنكو، وفق فرانس برس.
وتعهدت الرئاسة الروسية بوقف أي ملاحقات بحق المقاتلين وبريغوجين الذي كان من الحلفاء المقربين من بوتين، على رغم أن الأخير اتهمه السبت بـ"خيانة" بلاده وتوجيه "طعنة في الظهر".
ولم يتضح صباح الأحد مكان وجود بريغوجين بعدما غادر ليلا على متن سيارة رباعية الدفع مقرا للقيادة العسكرية في مدينة روستوف-نا-دونو كانت قواته قد سيطرته عليه.
وأعلن ليل السبت تراجعه لتجنب إراقة "الدماء الروسية"، وأن قواته "تعود أدراجها إلى المعسكرات".
وأكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إبرام اتفاق لتجنّب إراقة الدماء، بعدما تمّ تقدّم قوات فاغنر خلال النهار من دون قتال يذكر.
وشدد على أن "الهدف الأسمى هو تجنّب حمّام دم وصدام داخلي واشتباكات لا يمكن التنبّؤ بنتائجها"، مشيدا "بتسوية من دون مزيد من الخسائر".
وأكد وقف أي ملاحقة قضائية بحق مقاتلي المجموعة الذين "لطالما احترمنا أعمالهم البطولية على الجبهة" في إشارة الى قتالهم في أوكرانيا.
فرصة لأوكرانيا
وكانت أوكرانيا التي تتعرض لغزو روسي منذ فبراير 2022، رأت في أحداث السبت "فرصة" يجب استغلالها ميدانيا.
وعلى رغم الاتفاق، اعتبرت كييف أن بريغوجين أذلّ بوتين، وقال مساعد الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولاك إن "بريغوجين أذلّ بوتين/الدولة وأظهر أنه لم يعد هناك احتكار للعنف".
ورأى محللون أن التمرد المسلح ستكون له تبعات على بريغوجين ومجموعته التي تنشط أيضا في مناطق نزاع حول العالم.
وقال الباحث في مركز الدراسات البحرية سامويل بينديت إن بريغوجين "يجب أن يرحل، وإلا فالرسالة ستكون أن قوة عسكرية يمكنها تحدي الدولة بشكل علني، وعلى الآخرين أن يفهموا أن الدولة الروسية لديها حصرية العنف (امتلاك السلاح) في داخل البلاد".
واعتبر الباحث في معهد أبحاث السياسة الخارجية في الولايات المتحدة روب لي أن "بوتين وأجهزة الأمن سيحاولون على الأرجح إضعاف فاغنر أو تنحية بريغوجين جانبا"، مشيرا إلى أن "الآثار الأكثر أهمية سيتمّ رصدها في الشرق الأوسط وإفريقيا حيث توجد فاغنر".
وجاء إنهاء التمرد بعدما وصل مسلّحو فاغنر لمسافة تقل عن 400 كيلومتر من موسكو، بعد سيطرتهم على مقرات عسكرية في مدينة روستوف-نا-دونو قرب حدود أوكرانيا.
وأعلن حاكم روستوف-نا-دونو (جنوب غرب) فاسيلي غولوبيف مساء السبت أن قوات المجموعة غادرت المدينة، وأكد مراسلون أن العشرات من الروس تجمّعوا وهتفوا "فاغنر" ليل السبت.
وسارعت السلطات المحلية إلى رفع الإجراءات الأمنية الاستثنائية التي اتخذت في مواجهة تقدم فاغنر.
وقال إيغور أرتامونوف حاكم منطقة ليبيتسك جنوب موسكو والتي دخلها مقاتلو المجموعة: "بدأ رفع القيود المفروضة اليوم".
وأضاف: "في الأمد القريب، سنسمح بعودة الحركة في طرق المنطقة".
وكان رئيس بلدية موسكو قد دعا السكان إلى الحد من التنقل، ووصف الوضع بأنه "صعب" وأعلن يوم الاثنين عطلة.
كما فرضت قيود على التنقل في منطقة كالوغا الروسية التي تقع عاصمتها على بعد 180 كيلومترا جنوب موسكو.
حرب أهلية
واضطلع لوكاشنكو بدور رئيسي في الوساطة، وقد أعلن مكتبه أنه هو من اقترح على رئيس فاغنر وقف تقدمه.
وقال بيسكوف: "ممتنون لرئيس بيلاروس على جهوده.. المحادثة المسائية بين الرئيسين كانت طويلة جدّاً".
وكان بوتين أدان صباح السبت "الخيانة" وتحدثه عن شبح "حرب أهلية" في مواجهة التحدي الأكبر الذي واجهه منذ وصوله إلى السلطة في نهاية عام 1999.
وحذّرت موسكو دول الغرب من "استغلال الوضع الداخلي في روسيا لتحقيق أهدافها المعادية للروس".
لكن فيما أكد المتحدث باسم الكرملين أن تمرد فاغنر المجهض لن يؤثر على الهجوم الروسي في أوكرانيا، أعلنت كييف تحقيق مكاسب ميدانية.
وأعلن الجيش الأوكراني السبت "تقدمه في جميع الاتجاهات" على الجبهة الشرقية حيث أكد شنّ هجمات جديدة.
واعتبر الرئيس فولوديمير زيلينسكي أن بلاده باتت مسؤولة عن "أمن الجناح الشرقي لأوروبا"، حاضّا الغرب مجددا على تسليم بلاده "جميع الأسلحة اللازمة"، ولا سيما مقاتلات إف-16 الأمريكية الصنع.
كما قال إن التمرد أظهر أن "القيادة الروسية ليست لها سيطرة على أي شيء".
وأجرت الدول الغربية الحليفة لأوكرانيا مشاورات مكثفة السبت.
وتحدّث الرئيس الأمريكي جو بايدن مع المستشار الألماني أولاف شولتس ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك ومع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وكشفت تقارير صحفية السبت أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية رصدت مؤشرات قبل أيام على أن بريغوجين كان يحضّر للتحرّك ضد مؤسسة الدفاع الروسية.
وقدّم مسؤولون في الاستخبارات إحاطات في البيت الأبيض والبنتاغون وكابيتول هيل بشأن احتمال وقوع اضطرابات في روسيا قبل يوم على بدئها، وفق "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز".
وأثارت المعلومات قلق مسؤولين في أجهزة الاستخبارات الأمريكية حيال إمكانية اندلاع فوضى في بلد يملك ترسانة نووية قوية، وفق "نيويورك تايمز".
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن بوتين أُبلغ بأن بريغوجين يخطط للتمرّد قبل يوم على الأقل من تنفيذه، وأتى التمرد بعد تكثيف رئيس فاغنر في الآونة الأخيرة من انتقاداته للمسؤولين العسكريين خصوصا وزير الدفاع سيرغي شويغو.